وصف الاسباني ألبرتو كونتادور تتويجه للمرة الثانية بلقب دورة فرنسا للدراجات الهوائية الأحد الماضي بـ"التاريخي" مؤكداً أن الدورة هي هدفه الأكبر سنوياً.
وأوضح كونتادور أن أهمية فوزه تمثلت في كونه تقلد الكأس الغالية إلى جانبه زميله في فريق "آستانا" الأميركي العائد لانس أرمسترونغ الفائز بالدورة سبع مرات (رقم قياسي)، ما يعطي الفوز قيمة أكبر، على الرغم من أن أواصر الود بين البطلين ليست على ما يرام، علماً بأن "لوبيستوليرو" (المسدس) وهو لقب كونتادور لطالما وجد في البطل الأميركي مثله الأعلى في عالم "اللعبة الملكة".
وإذا كان أرمسترونغ (38 سنة) كسب الرهان بحلوله ثالثاً في النسخة ال96 من الدورة الفرنسية الشهيرة، على رغم ابتعاده ثلاثة أعوام ونصف العام عن المنافسات إثر إعلان اعتزاله، فقد أبقى كونتادور (26 سنة) لقب الدور اسبانيا للعام الرابع على التوالي، إذ قبل فوزه الأول عام 2007 توج أوسكار بيريرو باللقب عام 2006، ثم ناله كارلوس ساستري عام 2008.
فوز تاريخي
وهي المرة الثانية عشرة التي يكون فيها اللقب إسبانيا بعدما حصده فيديريكو باهامونتيس (1959) ولويس اوكانا (1973) وبيدرو دلغادو (1988) وميغل أندوراين (من 1991 إلى 1995).
كما نجح كونتادور في تسجيل أكبر فارق بين المتصدر ومطارده المباشر اللوكسمبورغي أندي شليك (4.11 دقائق) منذ تتويج أرمسترونغ بلقبه السابع عام 2005.
وسجلات المقارنات والأرقام تجعل كونتادور خامس دراج في التاريخ يتمكن من حصد "الثلاثية الكبرى"، أي دورات فرنسا (2007 و2009) وإيطاليا (2008) وإسبانيا (2008)، بعد الفرنسي جاك أنكوتيل والإيطالي فيليس جيموندي والبلجيكي إيدي ميركس والفرنسي برنار هينو، والفوز الثاني بدورة فرنسا أخرج كونتادور من ظل ارمسترونغ "المثير للجدل".
وهو نشأ في عائلة متواضعة في بنتو، إحدى ضواحي العاصمة الإسبانية مدريد. وكانت العائلة تعاني من شلل ولدها الصغير. كما أن ألبرتو نجا من الموت عام 2004 إثر سقوطه ودخوله في غيبوبة، وعولج من ورم وعائي في المخ. وخلال فترة النقاهة، استلهم من كتاب عن حياة أرمسترونغ ومحاربته مرض السرطان إرادة وعزيمة وإصراراً وأملاً متجدداً.
وأعلن البطل الإسباني إثر فوزه بدورة فرنسا للمرة الأولى: "أرمسترونغ مثلي الأعلى وقصته في مواجهة المرض جعلت مني شخصا آخر".
منافسة شرسة
وفي دورة فرنسا الأخيرة، أعقب كونتادور سيطرته مع الشقيقين شليك على المرحلة الـ17 الجبلية، بفوزه في اليوم التالي في مرحلة السرعة ضد الساعة، ما أزال عقبات كثيرة من الطريق نحو لقبه الثاني.
وثابر كونتادور منذ البداية عن قضم الفارق الذي يفصله عن الصدارة إلى أن تمكن من القبض على الصدارة في الأسبوع الأخير ومضى قدماً محققاً فارقاً مريحاً، حتى أنه اتهم أحيانا بمخالفته تعليمات الفريق وحساباته الاستراتيجية وفرض إيقاع خاص به لضمان فوزه في النهاية.
ولم يعلق كونتادور على تصريحات نالت منه وشككت في قدرته الاستثنائية، لاسيما ما صدر عن بطل الدورة السابق الأميركي غريغ ليموند (1986 و1989 و1990) حول "طاقته" المثيرة للجدل بعد تألقه في المرحلتين الـ17 والـ18 المضنيتين، واعتباره بطريقة غير مباشرة متنشطاً، بل اكتفى كونتادور بالقول: "لا أعير مثل هذه الأقاويل اهتماماً. أنا جاهز للخضوع لأي فحص مخبري استدعى إليه بطيب خاطر وعلى مدى 365 يوماً. وأجد في خطوات المكافحة المتشددة أمراً جيداً لعائلة الدراجات، اللعبة التي أحبها. لقد استثمر مال كثير في محاربة المنشطات وبدأت تؤتي ثمارها، وهذا انتصار بحد ذاته".
واعتبر كونتادور أن وصيفه أندي شليك هو منافسه المباشر خصوصاً في نسخة 2010، "وهو لم يرتكب أي خطأ في النسخة الأخيرة".
وعندما جدد كونتادور عقده مع فريق آستانا العام الماضي، لم يكن على علم باتجاه ارمسترونغ للعودة عن اعتزاله ثم انضمامه إلى الفريق. ويكشف أن الوضع "داخل المجموعة كان معقداً جداً قبل دورة فرنسا"، ويستدرك قائلاً: "لكن مجيئه شكل حافزاً إضافيا للمجابهة والمواجهة وأظن أنني نجحت"، علماً بأن البطلين لم يتصافحا على منصة التتويج عقب نهاية السباق!.
وحقق ارمسترونغ "القميص الأصفر" في الـ28 من عمره، وكونتادور في ال24، ما يجعل آفاق الاسباني واسعة لتخطي البطل الأميركي.
ويتطلع كونتادور حالياً إلى خوض سباق سان سيباستيان الكلاسيكي مسقطاً دورة إسبانيا "لافوليتا" التي تنطلق في 29 آب/أغسطس المقبل من روزنامته. ويؤكد أنه يحدد أولوياته تباعاً، والبارز فيها أن دورة فرنسا هي دائماً "هدفي الأكبر سنوياً".